الخوف من هجرة العمالة يجبر شركات سعودية خاصة على رفع الرواتب

الرياض – عمر عبد العزيز

تحركت شركات قطاع خاص سعودية لاحتواء التأثيرات السلبية للغلاء على موظفيها؛ خوفا من تركهم لوظائفهم، إذ أجبر الارتفاع المتواصل في كلفة المعيشة تلك الشركات على رفع رواتب موظفيها تحت مسميات مختلفة؛ أسوة بما حدث مع موظفي الحكومة مؤخرا.

كما تدرس شركات أخرى رفع رواتب موظفيها، وخاصة في ظل إغراءات من دول خليجية مجاورة لتلك العمالة الأجنبية، من خلال منحها رواتب أعلى من التي تتقاضها، وهو ما اشتكى منه مسؤولون سعوديون مؤخرا، إذ دعا وزير الصحة السعودي الدكتور حمد المانع نظراءه الخليجيين بعدم المبالغة في رفع أجور الأطباء الأجانب، بما يؤثر بالسلب على الأطباء على العاملين في بلاده.


69% مستعدون لترك وظائفهم

وكان استبيان أجراه موقع آرابيان دوت كوم مؤخرا، أفاد أن 69% من الموظفين في شركات سعودية مستعدون لترك وظائفهم؛ بسبب الغلاء الذي تشهده البلاد، وأن عملهم في السعودية لم يعد مغريا.

وتأتي خطوات تلك الشركات، في وقت بدأت شركات خاصة سعودية تستبدل الموظفين العرب بالموظفين الأسيويين، نتيجة تزايد طلبات المغادرة النهائية التي قدرها بنحو 15 في المئة فقط بسبب الغلاء. وتوقع مسؤول في المكتب الذي يمثل مجموعة من شركات القطاع الخاص لدى الجوازات ومكتب العمل في تصريح لموقعنا، أن ترتفع أرقام الراغبين في المغادرة إذا استمرت وتيرة غلاء المعيشة، وخاصة بالنسبة للمساكن التي ارتفعت إلى الضعف تقريبا خلال عامين، والمواد الغذائية والرعاية الصحية.

وكانت بيانات رسمية لمؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" أظهرت أن التضخم في العاصمة السعودية الرياض، وأربع مدن أخرى تجاوز 6% في الربع الأخير من العام الماضي، ليحقق نموا أسرع من متوسط 16 مدينة، مع زيادة تكاليف الغذاء والإيجارات والمرافق.

وكان مجلس الوزراء السعودي قرر مؤخرا، زيادة رواتب موظفي، ومستخدمي، ومتقاعدي الدولة سنويا لمدة 3 سنوات، من خلال بدل غلاء معيشة تراكمي بنسبة 5% لمدة 3 سنوات، وزيادة مخصصات الضمان الاجتماعي بنسبة 10%.


بدل غلاء معيشة

وقال الدكتور ناصر الطيار، رئيس مجلس إدارة مجموعة الطيار للسفر: إنه تم زيادة رواتب الموظفين السعوديين بنسبة 25%، وغير السعوديين بنسبة 15% كبدل غلاء معيشة، اعتبارا من راتب شهر فبراير/ شباط الحالي.

وأضاف لموقع "الأسواق نت" أن الزيادة تشمل جميع موظفي الشركة في السعودية، والإمارات، وتأتي مساهمة من الشركة في تحمل غلاء المعيشة عن موظفيها، حيث تحرص الشركة على تلمس احتياجات موظفيها.

كما قررت شركة تمليك المحدودة زيادة رواتب كل موظفيها بنسبة 15% اعتبارا من شهر يناير/ كانون الثاني 2008.

وقال المدير التنفيذي للشركة، المهندس زهير حمزة لموقعنا: إن القرار يأتي تمشيا مع توجه الحكومة بتخفيف الغلاء في ظل موجات الارتفاع المتكررة لأسعار السلع الغذائية والاستهلاكية في المملكة.

وأوضح أن قرار الشركة بتحسين معدل دخل موظفيها يعكس حرصها على مساندة أعضاء أسرتها لمواجهة متطلبات الحياة.


برامج إقراض سكني بدون فائدة

وفي الإطار ذاته، قررت شركة سلام للطائرات رفع رواتب موظفيها بنسبة 7.5%، وقال الرئيس التنفيذي للشركة محمد فلاته: إن رفع الرواتب جاء استشعارا من الشركة بضرورة إعانة الموظف على مقابلة الارتفاع الذي طرأ على تكاليف المعيشة.

وأضاف: إن الشركة تقوم بمراجعات دورية لرواتب موظفيها ومزاياهم، مشيرا إلى أنها طرحت برنامجين للموظفين لدعمهم في توفير الاستقرار الأسري، حيث طرحت برنامج التوفير والاستثمار القصير الأجل والطويل الأجل، الذي من شأنه توفير مدخرات استثمارية للموظف بعد فترة 5 سنوات فأكثر مع المشاركة من الشركة بنسب متفاوتة شهريا حسب راتب الموظف، إذ تزيد مشاركة الشركة للذين يتقاضون رواتب أقل، فيما تتناقص مشاركتها للرواتب الأعلى.

وأشار إلى أن الشركة أقرت برنامج الإقراض السكني بدون فائدة ولمدة 7 سنوات، وقال مسؤول في شركة التصنيع الوطنية لموقعنا: إنه تقرر زيادة رواتب الموظفين بنسب تراوحت بين 3 إلى 15%، وفقا لأداء الموظف.

وأوضح أنه بالإضافة إلى ذلك منحت الشركة موظفيها أربعة رواتب كمكافأة، في مقابل راتبين فقط العام الماضي، وذلك في إطار التخفيف عن الموظفين من غلاء المعيشة وتحقيق الاستقرار لهم.

كما قررت الشركة السعودية لأنابيب الصلب المحدودة زيادة رواتب موظفيها بنسبة تتراوح بين 11 إلى 35 في المئة، بسبب غلاء المعيشة وارتفاع التضخم.

وقال مسؤول بالشركة: إنه تقرر زيادة عامة متدرجة لرواتب منسوبيها، مع مراعاة أصحاب الرواتب المتوسطة والمنخفضة، وستطبق الزيادة اعتبارا من شهر يناير الماضي، إضافة إلى مشاركة الموظفين بالأرباح والمعمول بها منذ سنوات.

وزادت شركة مملكة العقارات رواتب موظفيها داخل السعودية وخارجها بنسبة 30%،
وقال رئيس مجلس إدارة الشركة شاهر الصعيري لموقعنا: إن زيادة رواتب الموظفين ستكون بداية من شهر يناير الماضي، وأنها تأتي تقديرا من مجلس الإدارة لجهودهم ومساعدة لهم في تحسين أوضاعهم المعيشية، ومساعدتهم على مواجهة الغلاء.

وكان عدد من شركات القطاع الخاص السعودي قام بزيادة رواتب عامليها بنسب تراوحت بين 10ـ 25 %، مؤخرا لتوفير بيئة تنافسية مقنعة ومواجهة تكاليف المعيشة المتزايدة، فيما تدرس شركات أخرى القيام برفع الرواتب أسوة بالقطاع الحكومي.

واختلفت طرق الزيادة، بين رفع الرواتب وبين زيادة المخصصات المتعلقة ببدل السكن، وابتكرت مؤسسات أخرى بدلا أطلقت عليه بدل تكلفة المعيشة، يعاد النظر فيه في المستقبل؛ أسوة بما قامت به الحكومة السعودية مؤخرا لموظفيها.

ويرى مجموعة من الموظفين المتعاقدين أن السعودية كانت جاذبة لهم، لأن فيها فرص عمل بأجور مرتفعة قياسا ببلدانهم مع مستوى معيشة متوسط، لكن بارتفاع التكلفة عليهم بازدياد نسب التضخم باتت هجرتهم للعمل غير مجدية اقتصاديا، إذ لا يمكنهم العيش بعائلاتهم بخاصة في المدن الكبرى.

ويوجد في السعودية نحو 6.5 مليون مقيم، منهم نحو 3 ملايين من الجنسيات العربية التي تأتي مصر، والسودان، وبلاد الشام في مقدمها.


تحذير من تجاهل أوضاع العاملين

من جهته، حذر استشاري الأمراض النفسية في مستشفى جامعة الملك خالد في الرياض الدكتور محمد اليوسف من أن عدم تجاوب بعض الشركات مع الظروف التي تمر بها المملكة لجهة الغلاء سينعكس سلبا على أداء موظفيها، وبخاصة ذوي الدخول المتدنية.

وقال اليوسف لموقعنا: إن الموظف الذي يعمل في القطاع الخاص ولم يتم رفع راتبه سيشعر بالقهر، وسيكون محبطا، وهو ما سيقود بالتالي إلى تراجع مستوى إنتاجه.

ودعا الجهات المسؤولة إلى التحرك في سبيل وضع خطة لزيادة رواتب موظفي القطاع الخاص، وبخاصة أن الحكومة السعودية تدعم هذا القطاع، الذي يجب أن يتحمل مسؤوليته أمام العامل لديه.